responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
وَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي: فَمِثْلُ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مَقْصُودٍ إنَّمَا حَسَنٌ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ لَا يَتَأَدَّى بِهِ الْجُمُعَةُ، وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ عِنْدَنَا مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ يُفِيدُ الطَّهَارَةَ لِلْبَدَنِ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ تَبَرُّدٌ وَتَطَهُّرٌ لَكِنْ إنَّمَا حَسُنَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ إقَامَةُ الصَّلَاةِ وَلَا تَتَأَدَّى بِهِ الصَّلَاةُ بِحَالٍ وَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهَا وَتَسْتَغْنِي عَنْ صِفَةِ الْقُرْبَةِ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى يَصِحَّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ عِنْدَنَا وَمِنْ حَيْثُ جَعْلُ الْوُضُوءِ فِي الشَّرْعِ قُرْبَةً يُرَادُ بِهَا ثَوَابُ الْآخِرَةِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ لَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِ نِيَّةٍ إلَّا أَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَغْنِي مِنْ هَذَا الْوَصْفِ فِي الْوُضُوءِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي الْجِهَادُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ إنَّمَا صَارَا حَسَنَيْنِ لِمَعْنَى كُفْرِ الْكَافِرِ وَإِسْلَامِ الْمَيِّتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَأْبَى هَذَا الِاحْتِمَالَ، ثُمَّ حَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ التَّصْدِيقَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْحُسْنِ وَالْإِقْرَارُ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ وَالصَّلَاةُ دُونَهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ فِي الْإِيمَانِ وَالصَّوْمُ وَاخْتَارَهُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا مُشَابَهَةً لِلْحُسْنِ لِغَيْرِهِ

[النَّوْع الثَّانِي مَا حَسُنَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي) وَهُوَ مَا حَسُنَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِفِعْلِ مَقْصُودٍ فَمِثْلُ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مَقْصُودٍ أَيْ لَيْسَ بِحَسَنٍ فِي نَفْسِهِ إذْ هُوَ مَشْيٌ وَنَقْلُ أَقْدَامٍ وَإِنَّمَا حَسُنَ وَصَارَ مَأْمُورًا بِهِ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ إذْ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى أَدَائِهَا فَكَانَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ لَا لِذَاتِهِ ثُمَّ الْجُمُعَةُ لَا تَتَأَدَّى بِهِ بَلْ بِفِعْلٍ مَقْصُودٍ بَعْدِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُشَابَهَةٌ بِالْحَسَنِ لِعَيْنِهِ أَصْلًا وَلِهَذَا قُدِّمَ هَذَا الضَّرْبُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ غَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ حَسَنًا لِغَيْرِهِ بِمُقَابَلَةِ التَّصْدِيقِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ هُوَ الْإِقْبَالُ عَلَيْهَا وَالْمَشْيُ بِلَا سُرْعَةٍ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] تَعَالَى أَقْبِلُوا عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ وَامْضُوا فِيهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ السَّكِينَةِ فَصْلٌ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ يَمْشِي فِي الْجُمُعَةِ عَلَى هَيْئَتِهِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ) أَيْ وَكَالسَّعْيِ الْوُضُوءُ فِي كَوْنِهِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ يُفِيدُ الطَّهَارَةَ لِلْبَدَنِ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ أَيْ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً مَقْصُودَةً إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ كَوْنِهَا حَسَنَةً لِذَاتِهَا وَأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ تَبْرُدُ وَتَطْهُرُ وَذَلِكَ لَيْسَ بِحَسَنٍ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا حَسَنٌ بِسَبَبِ التَّمَكُّنِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَتَأَدَّى بِهِ أَيْ بِالْوُضُوءِ الصَّلَاةُ بِحَالٍ وَيَسْقُطُ بِسُقُوطِ الصَّلَاةِ فَكَانَ كَامِلًا فِي كَوْنِهِ حَسَنًا لِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا جَازَ التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوْتِ؛ لِأَنَّ التَّوَضُّؤَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِهِ هُنَا تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ لَا إلَى خَلَفٍ فَتَسْقُطُ عَنْهُ وَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ صَارَ وُجُودُ الْمَاءِ كَعَدَمِهِ فَكَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْلُهُ (وَتَسْتَغْنِي) أَيْ الصَّلَاةُ عَنْ صِفَةِ الْقُرْبَةِ فِي الْوُضُوءِ جَوَابٌ عَمَّا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النِّيَّةُ شَرْطٌ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ إذْ الْعِبَادَةُ اسْمٌ لِفِعْلٍ يُؤْتَى بِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِهِ وَحُكْمُهُ الثَّوَابُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْوُضُوءِ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، «الطَّهَارَةُ عَلَى الطَّهَارَةِ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عِبَادَةٌ كَانَتْ النِّيَّةُ مِنْ شَرْطِهِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَنَحْنُ نُسَلِّمُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَصْلُحُ أَنْ يَصِيرَ عِبَادَةً وَأَنْ لَا بُدَّ لِصَيْرُورَتِهِ عِبَادَةً مِنْ النِّيَّةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: صِحَّةُ الصَّلَاةِ تَسْتَغْنِي عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ هِيَ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ طَهَارَةً وَبِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّدِ يَحْصُلُ الطَّهَارَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اسْتَدَامَ الطَّهَارَةَ وَلَمْ يَحْدُثْ حَتَّى حَضَرَتْ صَلَوَاتٌ، وَهَذَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِيهِ غَيْرُ الْمَقْصُودِ بَلْ مَقْصُودُ التَّمَكُّنِ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ، فَإِذَا طَهُرَتْ الْأَعْضَاءُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَأَنْ سَقَطَ الْأَمْرُ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ يَسْقُطُ بِسَعْيٍ لَا لِلْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَصِيرَ عِبَادَةً بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّمَكُّنُ مِنْ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ بِحُصُولِهِ فِي الْمَسْجِدِ لَا لِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ سَقَطَ الْأَمْرُ كَذَا هَذَا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ

[الْجِهَادُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ حَسَنَيْنِ لِمَعْنَى فِي غَيْرهمَا]
قَوْلُهُ (وَالضَّرْبُ الثَّانِي) وَهُوَ الَّذِي حَسُنَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ يَتَأَدَّى بِالْمَأْمُورِ بِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فِعْلٍ مَقْصُودٍ الْجِهَادُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ،

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست